الطريق إلى الله تعالى

الجمعة يناير 20, 2012 11:02 pm

اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

الطريـــــق إلـــى اللــــه من مقالات أحمد كامل ياسين

شيخ مشايخ الطرق الصوفية رحمه الله والذى توفى يوم الجمعة الموافق 21 نوفمبر 2008

الورع أساس الإيمان والمسلم الورع يحتمى بقلعة عظيمة شاهقة النبيان من المعاصى والذنوب والأدناس .. المسلم الورع هو الذى يترك كل المحرمات التى أشار إليها عز وجل ونبه عليها سيدنا رسول الله عليه وسلم .. يبتعد عنها بأميال بعيدة خوفاً من الوقوع فى شباكها لو اقترب منها.

والمسلم الورع هو الذى ينشغل بالله سبحانه وتعالى ومن ينشغل بالله فهو فى المعية وهو على الطريق السوى وهو فى دائرة الأنوار التى تخترق حواسه وجسمه والدائرة المحيطة به من فوقه وتحته وخلفه ويمينه وشماله وهو محفوظ ومستور ومضاء بالأنوار الربانية .

قال تعالى " أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله " .. وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير دينكم الورع" وقال الحبيب المصطفى لأبى هريرة رضى الله عنه : "كن ورعا تكن أعبد الناس" ..

وقال صلى الله عليه وسلم : "من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه". وقال سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه : "كنا ندع سبعين بابا من الحلال مخافة أن تقع فى باب من الحرام". وقالت السيدة عائشة رضى الله عنها : "إنكم لتغلفون عن أفضل العبادة هو الورع". أما سيدى أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه فقد قال: "لكل شئ حدود وحدود الإسلام أربعة .. الورع والتواضع والصبر والشكر فالورع ملاك الأمور والتواضع براءة من الكبر والصبر والنجاة من النار والشكر والفوز بالجنة.

وعندما يتحلى الورع بالصدق الخالص فى الإقبال على الله سبحانه وتعالى يترك المسلم المؤمن كل شبهة ويترك كل ما اشتبه عليه من الأمور يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون العبد من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخالفة ما به بأس".. ويؤكد على هذا المعنى صلى الله عليه وسلم: " الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور متشابهات فمن ترك الشبهات مخالفة أن يقع فى الحرام فقد استبرأ لعرضه". ولابن سيرين قول جميل قال : " ما فى دينى شئ أيسر من الورع وكل ما تشابه عليه تركته".. قوله يعبر عن سلوك عملى .. وكذلك يفعل الفضيل بن عياض وينصحنا بقوله : "الورع شديد .. دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .. فخذ ما حل وطاب من الأشياء وأبذل المجهود فى طلب الشئ الصافى من الحلال .. وهو تفسير لقول الله عز وجل : "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً".

وقد نصح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد رضى الله عنه : "إن أردت أن يجيب الله تعالى دعاءك فكل الحلال".. ونفس المعنى ما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم متعجباً من أن رجلاً يرفع يده إلى السماء بالدعاء يقول "يا رب يا رب ومأكله حرام وملبسه حرام فأنى يستجاب له".. وسألت سيدتنا عائشة رضى الله عنها رسول الله صلى الله عليه قائلة : "يا رسول الله مر المؤمن ؟ قال : من إذا أمسى نظر من أين قرصه " والقرص هو رغيفه أى من أين أكله.

علامــــات الــــورع

الإمام السمرقندى يقول : إن علامة الورع تسعة أشياء فريضة على نفسه .. أولاً : حفظ اللسان عن الغبية لقوله تعالى : "ولا يغتب بعضكم بعضا" والثانى : الاجتناب عن سوء الظن لقوله تعالى : "اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم" ولقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إياكم والظن فإنه أكذب الحديث". والثالث : الاجتناب عن السخرية لقوله تعالى : "ولا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم" . الرابع : غض البصر عن المحارم لقوله تعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ". والخامس : صدق اللسان لقوله تعالى : "بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ". والسادس : إن ينفق ماله فى الحق ولا ينفقه فى الباطل لقوله تعالى : "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا ". والسابع : ألا يطلب لنفسه العلو والكبر لقوله تعالى : " تلك الدار الآخرة ". والثامن : المحافظة على الصلوات الخمس فى أوقاتها لقوله تعالى : "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا له قانتين ". والتاسع : الاستقامة على السنة والجماعة لقوله تعالى : "وأن هذا صراطى مستقيم ". وقد قال الإمام سهل التسترى وهو من أئمة الصوفية الكبار : من أحب أن يكاشف بآيات الصديقين فلا يأكل إلا حلالا ولا يعمل إلا فى سنة . وقال أيضاً من أكل حراما عصت جوارحه شاء أم أبى . علم أو لم يعلم ومن كانت طعمته حلالا أطاعته جوارحه ووفقت للخيرات .

أبنائى .. أحرصوا على الورع يحفظكم الله سبحانه وتعالى فى الدنيا والآخرة وما غرسته فى الدنيا من حرص على الحلال المباح الطيب سوف تنعم به فى الآخرة وما علمته لأولادك من سلوك الأنبياء والأولياء والصالحين سوف يعود عليكم جميعاً بالخير والبركات .. فسيروا فى طريق الورع يحفظكم الله من الفزع ويغدق عليكم بنعمه ويفتح لكم خزائن رحمته .